Saturday, May 29, 2010

إن الحسنات يذهبن السيئات...بقلم د.سمير مهران


وقفات تربوية من سيرة خير البـرية
-2-
 إن الحسنات يذهبن السيئات
***********************
روى البخاري بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات )فقال الرجل يا رسول الله ألي هذا خاصة ام للناس عامة قال (لجميع أمتي كلهم)للناس عامة
ولنا مع هذا الخبر وقفات
 **************
الاولى:ـ
أنه لا عصمة الا للانبياء 
فكل ابن أدم خطاء والحي لا تؤمن فتنته والكل معرض للذنب فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاءولكن خير الخطائين التوابين والذنب مكتوب حتما على العبد فالانسان جهول ظلوم بطبعه هكذا خلقه الله وركبه ولهذا شرع لنا التوبة والاستغفار وسمى نفسه الغفور الرحيم 
والسعيد من وفقه الله لطاعته وأبعد عنه أسباب معصيته فسل الله العافية

الثانية:ـ
المؤمن رجاع الى الحق مقلع عن الذنب فار منه اذا ذكر ربه وأفاق من جهالته وسكرته
  وهذه صفة المؤمن كما أعلمنا اياها ربنا في كتابه عندما وصف عباده المتقين
فقال (والذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا اأنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون
فإذا فعلوا ذلك (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين
فسبحان الله سماهم عاملين وكأن عملهم هو توبتهم واستغفارهم بعد الذنب و كان هذاهو سبب تلك المغفرة وهذه الحسنات

الثالثة:ـ
إن الحسنات يذهبن السيئات 
فرحمة الله واسعة ومن عظيم رحمته أن شرع لنا التوبة والأعمال الصالحة المكفرة للذنوب والاثام (وإذا جاءك الذين يؤمنون بأيتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح فأنه غفور رحيم
ففعل الخيرات والتوبة والصلاح بعد الذنب مكفرات له وجاء في وصف أولي الألباب انهم يدرأون السيئة بالحسنة فقال تعالى (ويدرأون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ) والدرؤ هو الدفع

الرابعة:ـ
أن الصلاة هي أعظم الحسنات الماحية للسيئات والمكفرة للذنوب والاثام 
ففي الحديث الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها ويحسن ركوعها وسجودها وخشوعها الا كانت كفارة لما قبلها ما اجتنبت الكبائر
    
وفي الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شئ قالوا لا يا رسول الله قال وكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا
 
وقال ايضا (ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين الا غفر له
    
فالحمد لله على عظيم فضله وسعة رحمته

ألا فلنشمر عن ساعد الجد والإجتهاد ولنسارع الى المغفرة وتكفير السيئات بإقامة الصلاة وخاصة الفرائض والإكثار من النوافل والأعمال الصالحة من صدقة وصيام وعمرة وحج

وتذكر قول الله عز وجل (إ ن الحسنات يذهبن السيئات )(ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) صدق الله العظيم

د. سمير مهران
صيدلية النجمة
مايو 2010
جمادى الاخرة 1431

Tuesday, May 25, 2010

أدب الحوار-الدفقة الثامنة....بقلم د.مصطفى سليمان

أدب الحوار-8
الأدب الثامن:إعتذرحين يتوجب عليك الإعتذار
آآآآآآآآآآآسف
كلمة قليلة الحروف...لكنها بالغة الأثر
كلمة سهلة النطق...لكنها صعبة القول
كم من شخص قطع رحما ، لأنه لم يقل ....آسف
كم من شخص خسر صديقا، لأنه لم يقل ....آسف
كم من شخص فقد ثقة الآخرين واحترامهم،لأنه لم يقل....آسف
كم من زوجين تفرقا ، وربما كان يكفيهما كلمة.....آسف
كم من مرة لم تنجح في حوار أو موقف ، فقط لأنك لا تستطيع أن تقول.....آسف
إنها كلمة سحرية...لها مفعول السحر..ولكن قليل من يستخدمها
إن من أهم آداب الحوار هو أن تقدم الاعتذار إذا أخطأت
وألا تستكبر عن قول ...آآسف إذا بدر منك ما يدعو لذلك
ولو كان الأمر صعبا على نفسك...فلا تقل بلسانك ما يدعوك للأسف
والنبي المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم يوصيك فيقول
وإياك وما يعتذر منه
ومع ذلك .. فلا مفر من تقديم الإعتذار إذا وقع الخطأ
ولنا في رسول الله أسوة حسنة
الله تعالى يعاتب نبيه عليه الصلاة والسلام حين عبس في وجه عبد الله ابن أم مكتوم
لقد كان النبي جالسا مع صناديد قريش يدعوهم إلى الإيمان بالله تعالى
وجاء ابن أم مكتوم وهو لا يدري أن النبي معهم فقال لنبي الله: علمني شيئا من القرآن
فعبس الرسول في وجهه كراهة أن قطع حديثه مع قوم يرجو إسلامهم
ولكن عبد الله ابن أم مكتوم كان أعمى، لم ير عبوس الرسول في وجهه ولم يتأثر به
ولكن الله تعالى لم يجعل الأمر يمر دون درس وعتاب، حتى لو لم يتأذ ابن أم مكتوم
فنزلت: عبس وتولى...الخ الآيات
فكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يلقى ابن أم مكتوم إلا وبقول له
مرحبا بالذي عاتبني فيه ربي
إنه اعتذار رقيق راق بليغ من رسول الله لهذا الرجل الأعمى رضي الله عنه
إعتذار من خير الخلق قاطبة حتى لا يتكبر أحد بعد ذلك على الإعتذار
وتعلم الصحابة الدرس
ويوما ما جلس الصحابة يتناقشون في أمر ما..وقال بلال رضي الله عنه رأيا لم يعجب أبوذر رضي الله عنه
واشتد الحوار بينهما حتى قال أبوذر لبلال:اسكت يابن السوداء
وثارت دماء الحزن في وجه بلال ، وخيم على الجميع وقع المفاجأة
وتكلم النبي في حسم ووضوح وقال لأبي ذر: يا أباذر أعيرته بأمه!!إنك امرؤ فيك جاهلية
فماذا يفعل سيد غفار؟ورابع من أسلم؟لا يملك إلا أن يعتذر بعد ما بدر منه
ووضع أبوذر رأسه على الأرض وقال لبلال: يا بلال ، طأ هذه الرأس التي ذلت بمعصيتها لله
فينزل بلال رضي الله عنه ويمسك برأس أبي ذر ويقبله بين عينيه ويقول له: هذا حق رأس طالما سجد لله
ويتعانقان ويبكيان...في مشهد تتوقف عنده الإنسانية جلالا وإكبارا
أرأيتم ... قالها أبوذر....آآآآسف....إعتذر أبوذر حين توجب عليه الإعتذار
يظن البعض أن الإعتذار ينقص من قدره....ولكن....أبدا... لا يعتذر إلا الكبار
الكبار في همتهم وقيمتهم وثقتهم بأنفسهم هم وحدهم يقدرون على قول ...آآآآآسف
هل تستطيع أخي المسؤل أن تعتذر عن خطأ بدر منك وأنت تحاورمن تحت يديك من 
الموظفين؟
هل تستطيع أخي الزوج أن تعتذر إذا أخطأت في حق زوجتك في حديثك إليها ؟
هل تستطيع أخي الوالد أن تعتذر لابنك عن خطأ قلته له ؟
هل تستطيع أخي الشيخ أن تعتذر لأمتك إن أخطأت في الفتوى ذات يوم؟
لنراجع موقف المصطفى صلى الله عليه وسلم مع ابن أم مكتوم رضي الله عنه
أو موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: أخطأ عمر وأصابت إمرأة
      
وإلى لقاء آخر مع أدب آخر من آداب الحوار
ص/ مصطفى سليمان
 صيدلية المحبة

0545459847

Thursday, May 20, 2010

ادب الحوار -الدفقة السابعة...د.مصطفى سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أدب الحوار-7
 
الأدب السابع:قبل الحوار..أدرس جيدا طبيعة من تحاوره
إنه أدب ومهارة في ذات الوقت
لكي يكون الحوار ناجحا..ومفيدا
فإن من الضروري دراسة طبيعة الشخص الذي ستحاوره قبل البدء في الحوار
أولا : ما هو موقعه في حياتك (أحد والديك-أحد أولادك-زوجتك-مديرك أو زميلك في العمل-منافسك في مجال تخصصك-شخص ذو مكانة بالنسبة لمن معه)إلخ
ثانيا : حدد مدخل الشخص ومفتاحه إن كنت تعلم شخصيته
إن معرفتك بمدخل الشخص الذي ستحاوره يسهل عليك التواصل معه ، مما يترتب عليه نجاحك في الحوار بنسبة كبيرة
فمثلا
مدخلك في حوار العالم والأب ....التوقير
ومدخلك في حوار المدير ورب العمل... التقدير
ومدخلك في حوار زوجتك......... الملاطفة والثناء
هذا على العموم..ولكل مدخل خاص ، فهناك من يحب المنطق في الحوار، وهناك العاطفي الذي يتطلب حواره مخاطبة العاطفة
وهناك العقلاني الذي يقيس بالعقل، وهناك المتشكك الذي يحتاج للدليل والبرهان
 
 
ولا تتعجب كثيرا حين تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أكثر من مرة
لقد اختار النبي عليه الصلاة والسلام الحبشة لتكون مهاجرا لأصحابه نشرا لدين الله وتخفيفا من أذى كفار قريش
وكان عليه الصلاة والسلام بخبرته يعلم طبيعة النجاشي أصحمة أنه رجل ذو دين ولا يظلم عنده أحد
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك
وهاجر الصحابة، وتطلب مقامهم في الحبشة حوارا مع ملكها ليقف على خبرهم
واختار الصحابة سيدنا جعفر بن أبي طالب متحدثا عنهم في حضرة الملك
وتكلم جعفر رضي الله عنه أمام الملك بكلمة موجزة تلخصت في العناصر التالية
 
أولا: بين الجاهلية التي كانوا يعيشون فيها وركز على الأخلاقيات السيئة التي انتشرت فيهم والتي يأباها كل إنسان سوي
ثانيا: بين أن النبي المرسل منهم ويعرفون صدقه ونسبه
ثالثا: ولأن جعفر رضي الله عنه يعلم أن النجاشي متمسك بدينه ، ركز في المحور الثالث على مكارم الأخلاق التي دعى إليها النبي المرسل والتي تتفق مع تعاليم سيدنا عيسى عليه السلام
رابعا: بين حقيقة أنهم علموا عن عدل النجاشي فاختاروه على غيره
وانتهى الحوار بأن قبلهم النجاشي في بلده ووضعهم تحت رعايته وأمنه، ونجح سيدنا جعفر في الحوار
ولك أن تلاحظ أن أساس نجاحه قائم على أنه فهم من رسول الله طبيعة النجاشي: التدين والعدل
 
وموقف آخر من سيرة قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنه موقفه يوم صلح الحديبية
منعته قريش أن يدخل مع أصحابه مكة رغم أنهم أعلنوا أنهم جاءوا للعمرة، وكان معهم الهدي
ولكن قريشا تعنتت في موقفها وأرسلت رسلا من عندها يفاوضون رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجوع
وكان أولهم رئيس الأحباش..وكانت مجموعة من الناس تعظم البيت وتقدسه
ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن رئيس الأحباش في طريقه ليفاوضه قال لأصحابه
حين يأتي أطلقوا في وجهه الهدي فإنهم يعظمون المشاعر
وفعلا ..لما رأى رئيسهم الهدي مقبلا نحوه رجع إلى قريش وطلب منهم السماح للنبي وأصحابه بدخول مكة وكان موقفه لصالح المسلمين في المفاوضات
وفي نفس الموقف أرسلت قريش مندوبها سهيل بن عمرو
بعدما فشل أكثر من مبعوث لها قبله
ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بقدوم سهيل قال للصحابة
الآن سهل أمركم
لأنه يعرف الرجل ومدخله ..وفعلا عقد الصلح الذي وصفه القرآن بالفتح المبين
 
والآن...ما رأيك أن تستخدم هذه المهارة وهذا الأدب في حواراتك القادمة
تأسيا بنبيك الحبيب صلى الله عليه وسلم
وارتقاء بأسلوبك في الحوار
ولكي ترفع من نسبة نجاحك في حواراتك
 
وإلى لقاء آخر 
والحمد لله رب العالمين

Saturday, May 15, 2010

أدب الحوار-الدفقة السادسة......بقلم د.مصطفى سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أدب الحوار-6
 
الأدب السادس:
كن مستعدا لتقبل الرأي الآخر
حقا ..إنه سلوك صعب..أن يقبل أحدنا أن يتنازل عن رأيه ويتقبل الرأي الآخر ما دام هو الصواب
 
في معظم تحاورنا..لا نستطيع أن ندير حوارا ناجحا ونصل للهدف.. لمجرد أننا لا نقبل الرأي الآخر
إن ذلك من أخطر آفات الحوار
لذلك أعزائي وزملائي..من أجل أن ندير حوارا بناءا مثمرا
يجب أن ندرب أنفسنا على قبول الرأي الآخر
ولنطبق جميعا ذلك التوجيه القرآني
لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا..إعدلوا هو أقرب للتقوى
أي لا يحملكم كره قوم على أن تظلموهم
أي أنك إذا أخذت من شخصي موقفا ...فلا تأخذ من رأيي الصائب نفس الموقف
واسأل نفسك هذا السؤال : أتريد أن تنتصر لنفسك؟ أم تريد أن تنتصر للحق ولو كان مع غيرك؟
حين تجد الجواب الصحيح على هذا السؤال ، ستقبل حينها الرأي الآخر بصدر رحب ولو جاء من خصم لك
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
إنه النبي..إنه القائد..إنه الإمام..إنه أعلم الناس وأشرفهم
ومع ذلك ينزل عن رأيه حين يبدو له الصواب في غيره
هل سمعتم عن الصحابي الجليل : الحباب بن المنذر رضي الله تعالى عنه؟
لما اختار النبي عليه الصلاة والسلام موقعا ليعسكر فيه جيش المسلمين يوم بدر وجد الحباب بن المنذر الأنصاري أن هناك اختيارا أفضل للمعسكر
وجاء بكل أدب نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله ، أرأيت ذلك المنزل الذي أنزلتنا إياه ، أهو وحي من الله فلا نتقدم أو نتأخر عنه، أم هي الحرب والمكيدة؟
فقال النبي القائد: بل الحرب والمكيدة ، فقال الحباب: فإن هذا ليس بمنزل ، ثم قدم الحباب تصورا وافيا لرأيه
فنزل النبي الكريم المعلم على رأيه
ليعلمنا جميعا هذا الدرس البليغ..نقبل الرأي الآخر ما دام فيه مصلحة الجميع ولو كان خلاف رأي القائد نفسه
ويتعلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدرس ويعيه جيدا..ويأتي اليوم الذي يحكم فيه عمر حوالي ثلث الكرة الأرضية..وتدق جيوشه أبواب الصين..وتترامى أطراف دولته
ولكنه أبدا ما نسي شيئا تعلمه من نبيه وقدوته المصطفى
ويقف أمام الجموع ذات يوم..ويطرح رأيا جال في خاطره..إنه يريد أن يحدد قيمة المهر المقدم  حين الزواج
فتقف له امرأة وترده بين تلك الجموع وتقول له : كيف والله تعالى يقول:وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا
والقنطار المبلغ الكبير لا حد له من المال....فيقول عمر الفاروق أمام كل الناس : أصابت امرأة وأخطأ عمر
لقد كان عمر الفاروق يغرس قيمة قبول الرأي الآخر من أي أحد إذا كان هو الصواب
لذلك كانت إدارته ناجحة....وكانت دولته قوية.....وكان شعبه حرا كريما
أما الذي لا يقبل الرأي الآخر فهو يحاكي فرعون الذي قال : ماأريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد
فقال الله تعالى : وأضل فرعون قومه وما هدى
 
هيا أيها الزملاء الأعزاء نطبق هذا الأدب في حوارنا
في العمل...في البيت...بين الأهل
هيا تعلم كيف نقبل الرأي الآخر إذا كان صوابا
بغض النظر عن الشخص الذي قال الرأي
ولنتذكر قول الإمام الشافعي رحمه الله
ما حاورت أحدا إلا تمنيت أن يجري الله الحق على لسانه
 
وإلى لقاء آخر مع أدب آخر من آداب الحوار
والحمد لله رب العالمين
 
 
مصطفى سليمان
صيدلية المحبة
مكة المكرمة
0545459847

Tuesday, May 4, 2010

أدب الحوار-الدفقة الخامسة..بقلم د.مصطفى سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أدب الحوار-5
بقلم/مصطفى سليمان


الأدب الخامس: أعط كل ذي حق حقه في الحوار..حتى لو كنت مختلفا معه

إنها قاعدة ذهبية في الحوار
تختلف الشخصيات التي تحاورها
تختلف الأفكار والإتجاهات
ولكن ..إنتبه
مهما كان خلافك مع محاورك..فلا بد أن تعطيه حقه
حقه في الإحترام والتقدير وتجنب الإساءة
حقه في أن تلقبه بأنسب الألقاب التي تحفظ مكانته
مهما كان اختلافك معه
وتذكر تلك القاعدة
لا تجعل الإختلاف الفكري يتحول إلى خلاف قلبي
إن الإختلاف في وجهات النظر مقبول لو ظل عند هذا الحد
لكن..في كثير من حواراتنا يتحول الإختلاف إلى خلاف
وينتج عن ذلك اللجوء إلى انتقاص الطرف الآخر والإساءة إليه
ربما كان الطرف الآخر أحد والديك..أو زوجتك..أو مديرك..أو شخص أكبر منك سنا
بل ربما كان الحق معك فعلا
وبالرغم من ذلك..إحذر ألا تعطي كل ذي حق حقه
فحقك لا يعطيك الحق في هضم حق الآخري
والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يعلمنا ذلك
لقد كان عليه الصلاة والسلام يعط كل ذي حق حقه
أسمعتم عن رسائله إلى الملوك ؟
حين بعث برسالته إلى قيصر الروم كتب فيها
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى قيصر عظيم الروم
إسمعوا... عظيم الروم ..كما كان يلقبه أتباعه
والرسول هو أعظم الخلق وخير الناس ...لكنه يعلمنا كيف نعطي الحقوق لأهلها حتى في الألقا
وكذلك برسالته إلى المقوقس قال له : إلى المقوقس عظيم القبط
إنه عليه الصلاة والسلام يراعي في خطابه أنهم أصحاب مكانة ولابد أن يعطيهم حقهم
إقرؤوا وتعلموا من أدبه ورقيه وسموه صلى الله عليه وسلم
إنهم أعداء ..وما ءامنوا به..ورغم ذلك يعطيهم حقهم
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حفظ مكانة الناس من إجلال الله تعالى
قال عليه الصلاة والسلام
إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط
وقال عليه الصلاة والسلام
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا
وقال عليه الصلاة والسلام
أنزلوا الناس منازلهم
فلماذا نبخل نحن في تحاورنا أن نعطي الآخرين ما يستحقون من التقدير ولو اختلفنا معهم؟
لماذا يبخل الإبن على أبيه أن يقول له من ألفاظ الإحترام ما يستحق؟
لماذا يبخل الزميل على زميله أو مديره بعبارات التقدير الصادقة ...الصادقة...الصادقة
إننا في كثير من الأحيان حين نختلف في وجهات النظر يلجؤ أحد أطراف الحوار إلى الإنتقاص من محاوره ..فقط لأنه لا يتفق معه
إن الإنتقاص من ذي شأن وأنت تحاوره..كالتملق له تماما..سواء بسواء
التملق والنفاق مرفوض...وكذلك الذم والإنتقاص مرفوض
إنها دعوة لنا جميعا لنرتقي بمستوى تحاورنا ونتعلم من ديننا الحنيف
ولا يفوتني أن أذكركم بحوار النبي صلى الله عليه وسلم مع عتبة
كلمه بلطف وقال له لما سكت: أفرغت يا أبالوليد؟..والعرب تجعل الكنية للتكريم
النبي يكرمه بأن يناديه بكنيته وهو العدو اللدود الذي يريد أن يصد الناس عن الإسلام
حقا ما أسماك وأروعك يا حبيب الله يا قدوتنا ومعلمنا
ويدخل سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه على النبي والأنصار عنده يوم بني قريظة
وكان سيدنا سعد ينزف
فلما دخل عليهم قال النبي الكريم لمن حوله: قوموا لسيدكم..وكان سعد سيد الأوس

هيا ننصف الآخرين في تحاورنا وإن اختلفنا معهم في الآراء والأفكار
هيا نعط الآخرين حقوقهم في الحوار بما يتناسب مع مكانتهم
لا تملقا ..لا نفاقا ..لا مجاملة.. بل تأسيا برسولنا صلى الله عليه وسلم
وتذكر

أن القوة
أن تقول الحق وتعرض فكرتك..بمنتهى الأدب والرقى
وأن لغة البيان والحجة أولى وأنجح للحوار من لغة الإنتقاص والذم

وإلى لقاء آخر مع أدب آخر من آداب الحوار في الإسلام
والحمد لله رب العالمين