Tuesday, May 4, 2010

أدب الحوار-الدفقة الخامسة..بقلم د.مصطفى سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أدب الحوار-5
بقلم/مصطفى سليمان


الأدب الخامس: أعط كل ذي حق حقه في الحوار..حتى لو كنت مختلفا معه

إنها قاعدة ذهبية في الحوار
تختلف الشخصيات التي تحاورها
تختلف الأفكار والإتجاهات
ولكن ..إنتبه
مهما كان خلافك مع محاورك..فلا بد أن تعطيه حقه
حقه في الإحترام والتقدير وتجنب الإساءة
حقه في أن تلقبه بأنسب الألقاب التي تحفظ مكانته
مهما كان اختلافك معه
وتذكر تلك القاعدة
لا تجعل الإختلاف الفكري يتحول إلى خلاف قلبي
إن الإختلاف في وجهات النظر مقبول لو ظل عند هذا الحد
لكن..في كثير من حواراتنا يتحول الإختلاف إلى خلاف
وينتج عن ذلك اللجوء إلى انتقاص الطرف الآخر والإساءة إليه
ربما كان الطرف الآخر أحد والديك..أو زوجتك..أو مديرك..أو شخص أكبر منك سنا
بل ربما كان الحق معك فعلا
وبالرغم من ذلك..إحذر ألا تعطي كل ذي حق حقه
فحقك لا يعطيك الحق في هضم حق الآخري
والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يعلمنا ذلك
لقد كان عليه الصلاة والسلام يعط كل ذي حق حقه
أسمعتم عن رسائله إلى الملوك ؟
حين بعث برسالته إلى قيصر الروم كتب فيها
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى قيصر عظيم الروم
إسمعوا... عظيم الروم ..كما كان يلقبه أتباعه
والرسول هو أعظم الخلق وخير الناس ...لكنه يعلمنا كيف نعطي الحقوق لأهلها حتى في الألقا
وكذلك برسالته إلى المقوقس قال له : إلى المقوقس عظيم القبط
إنه عليه الصلاة والسلام يراعي في خطابه أنهم أصحاب مكانة ولابد أن يعطيهم حقهم
إقرؤوا وتعلموا من أدبه ورقيه وسموه صلى الله عليه وسلم
إنهم أعداء ..وما ءامنوا به..ورغم ذلك يعطيهم حقهم
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حفظ مكانة الناس من إجلال الله تعالى
قال عليه الصلاة والسلام
إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط
وقال عليه الصلاة والسلام
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا
وقال عليه الصلاة والسلام
أنزلوا الناس منازلهم
فلماذا نبخل نحن في تحاورنا أن نعطي الآخرين ما يستحقون من التقدير ولو اختلفنا معهم؟
لماذا يبخل الإبن على أبيه أن يقول له من ألفاظ الإحترام ما يستحق؟
لماذا يبخل الزميل على زميله أو مديره بعبارات التقدير الصادقة ...الصادقة...الصادقة
إننا في كثير من الأحيان حين نختلف في وجهات النظر يلجؤ أحد أطراف الحوار إلى الإنتقاص من محاوره ..فقط لأنه لا يتفق معه
إن الإنتقاص من ذي شأن وأنت تحاوره..كالتملق له تماما..سواء بسواء
التملق والنفاق مرفوض...وكذلك الذم والإنتقاص مرفوض
إنها دعوة لنا جميعا لنرتقي بمستوى تحاورنا ونتعلم من ديننا الحنيف
ولا يفوتني أن أذكركم بحوار النبي صلى الله عليه وسلم مع عتبة
كلمه بلطف وقال له لما سكت: أفرغت يا أبالوليد؟..والعرب تجعل الكنية للتكريم
النبي يكرمه بأن يناديه بكنيته وهو العدو اللدود الذي يريد أن يصد الناس عن الإسلام
حقا ما أسماك وأروعك يا حبيب الله يا قدوتنا ومعلمنا
ويدخل سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه على النبي والأنصار عنده يوم بني قريظة
وكان سيدنا سعد ينزف
فلما دخل عليهم قال النبي الكريم لمن حوله: قوموا لسيدكم..وكان سعد سيد الأوس

هيا ننصف الآخرين في تحاورنا وإن اختلفنا معهم في الآراء والأفكار
هيا نعط الآخرين حقوقهم في الحوار بما يتناسب مع مكانتهم
لا تملقا ..لا نفاقا ..لا مجاملة.. بل تأسيا برسولنا صلى الله عليه وسلم
وتذكر

أن القوة
أن تقول الحق وتعرض فكرتك..بمنتهى الأدب والرقى
وأن لغة البيان والحجة أولى وأنجح للحوار من لغة الإنتقاص والذم

وإلى لقاء آخر مع أدب آخر من آداب الحوار في الإسلام
والحمد لله رب العالمين

No comments: