Saturday, May 15, 2010

أدب الحوار-الدفقة السادسة......بقلم د.مصطفى سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أدب الحوار-6
 
الأدب السادس:
كن مستعدا لتقبل الرأي الآخر
حقا ..إنه سلوك صعب..أن يقبل أحدنا أن يتنازل عن رأيه ويتقبل الرأي الآخر ما دام هو الصواب
 
في معظم تحاورنا..لا نستطيع أن ندير حوارا ناجحا ونصل للهدف.. لمجرد أننا لا نقبل الرأي الآخر
إن ذلك من أخطر آفات الحوار
لذلك أعزائي وزملائي..من أجل أن ندير حوارا بناءا مثمرا
يجب أن ندرب أنفسنا على قبول الرأي الآخر
ولنطبق جميعا ذلك التوجيه القرآني
لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا..إعدلوا هو أقرب للتقوى
أي لا يحملكم كره قوم على أن تظلموهم
أي أنك إذا أخذت من شخصي موقفا ...فلا تأخذ من رأيي الصائب نفس الموقف
واسأل نفسك هذا السؤال : أتريد أن تنتصر لنفسك؟ أم تريد أن تنتصر للحق ولو كان مع غيرك؟
حين تجد الجواب الصحيح على هذا السؤال ، ستقبل حينها الرأي الآخر بصدر رحب ولو جاء من خصم لك
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة
إنه النبي..إنه القائد..إنه الإمام..إنه أعلم الناس وأشرفهم
ومع ذلك ينزل عن رأيه حين يبدو له الصواب في غيره
هل سمعتم عن الصحابي الجليل : الحباب بن المنذر رضي الله تعالى عنه؟
لما اختار النبي عليه الصلاة والسلام موقعا ليعسكر فيه جيش المسلمين يوم بدر وجد الحباب بن المنذر الأنصاري أن هناك اختيارا أفضل للمعسكر
وجاء بكل أدب نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله ، أرأيت ذلك المنزل الذي أنزلتنا إياه ، أهو وحي من الله فلا نتقدم أو نتأخر عنه، أم هي الحرب والمكيدة؟
فقال النبي القائد: بل الحرب والمكيدة ، فقال الحباب: فإن هذا ليس بمنزل ، ثم قدم الحباب تصورا وافيا لرأيه
فنزل النبي الكريم المعلم على رأيه
ليعلمنا جميعا هذا الدرس البليغ..نقبل الرأي الآخر ما دام فيه مصلحة الجميع ولو كان خلاف رأي القائد نفسه
ويتعلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدرس ويعيه جيدا..ويأتي اليوم الذي يحكم فيه عمر حوالي ثلث الكرة الأرضية..وتدق جيوشه أبواب الصين..وتترامى أطراف دولته
ولكنه أبدا ما نسي شيئا تعلمه من نبيه وقدوته المصطفى
ويقف أمام الجموع ذات يوم..ويطرح رأيا جال في خاطره..إنه يريد أن يحدد قيمة المهر المقدم  حين الزواج
فتقف له امرأة وترده بين تلك الجموع وتقول له : كيف والله تعالى يقول:وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا
والقنطار المبلغ الكبير لا حد له من المال....فيقول عمر الفاروق أمام كل الناس : أصابت امرأة وأخطأ عمر
لقد كان عمر الفاروق يغرس قيمة قبول الرأي الآخر من أي أحد إذا كان هو الصواب
لذلك كانت إدارته ناجحة....وكانت دولته قوية.....وكان شعبه حرا كريما
أما الذي لا يقبل الرأي الآخر فهو يحاكي فرعون الذي قال : ماأريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد
فقال الله تعالى : وأضل فرعون قومه وما هدى
 
هيا أيها الزملاء الأعزاء نطبق هذا الأدب في حوارنا
في العمل...في البيت...بين الأهل
هيا تعلم كيف نقبل الرأي الآخر إذا كان صوابا
بغض النظر عن الشخص الذي قال الرأي
ولنتذكر قول الإمام الشافعي رحمه الله
ما حاورت أحدا إلا تمنيت أن يجري الله الحق على لسانه
 
وإلى لقاء آخر مع أدب آخر من آداب الحوار
والحمد لله رب العالمين
 
 
مصطفى سليمان
صيدلية المحبة
مكة المكرمة
0545459847

No comments: