Friday, April 30, 2010

ادب الحوار-الدفقة الرابعة..بقلم د.مصطفى سليمان

بسم الله الرحمن الرحيم
أدب الحوار-4

بقلم/مصطفى سليمان
الأدب الرابع
ركز على الهدف من الحوار
دائما ما نبدأ الحوار لأجل هدف معين..ولكن بعد عدة دقائق ننسى الهدف الذي من أجله فتحنا الحوار ،لنغرق في تفريعات بعيدة  عن الهدف الرئيسي
فالحوار تفاعل بين أكثر من طرف ، ولكل وجهته وطريقة تفكيره وأسلوب تناوله وزاوية رؤيته
ومع هذا التباين ، يصبح مهما أن يكون صاحب الهدف الذي بدأ الحوار متيقظا منتبها
من أجل حوار بناء يجب ألا نغرق في التفاصيل والتفريعات التي لا تخدم الهدف

من أجل حوار بناء يجب ألا نغرق في وحل الجدل.. الجدل...إحذروا الجدل
وكل كلام لا ينبني عليه خدمة للهدف الذي من أجله نتحاور فهو مراء..ونحن نهينا عن ذلك

قال صلى الله عليه وسلم

أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا

وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم ما أوتي قوم الجدل إلا ذلوا 
لذلك ركز على الهدف طول الحوار
وتعالوا بنا نعيش مع هذا الحوار الذي دار بين نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام وبين فرعون
والقرآن ينقل نص الحوار التالي في سورة الشعراء

وقبل أن نعيش مع الآيات يجب علينا أن نعلم أن النبي الكريم موسى عليه الصلاة والسلام كان له هدف ثابت لا يتزعزع عنه

كان هدفه أن يعلم فرعون وقومه أن الله تعالى هو الملك والمشرع وليس فرعون

وأن الله الملك  أرسله إلى بني إسرائيل ليعبدوا الله وحده

وطول الحوار ونبي الله موسى لا يتزحزح عن فكرته، حتى مع تهديدات فرعون
والآن إلى نص الحوار
 موسى: إنا رسول رب العالمين، أن أرسل معنا بني إسرائيل
فرعون: ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ، وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين؟
وهنا إتهام صريح لموسى عليه السلام، ولكنه رد بذكاء على الإتهام ولم يبتعد عن الهدف من الحوار..فقال

موسى : فعلتها إذا وأنا من الضالين، ففررت منكم لما خفتكم..فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين

الله ..يا نبي الله  .. كلمات أكد فيها على الهدف..ربي هو الله..وأنا الرسول

كان من الممكن أن يسهب موسى عليه السلام في الدفاع عن نفسه .. ولكن الهدف الذي جاء به أكبر من نفسه..الموضوع ليس شخصيا بالمرة
فقال فرعون: وما رب العالمين؟

وكأن موسى عليه السلام يقود الحوار..واضطر فرعون إلى أن يسأل السؤال المباشر في الهدف

فرد موسى:رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين

وهنا تنبه فرعون إلى أن موسى يقود الحوارفأرادأن يبتعد عن بالحوار إلى مجال آخر...فقال لمن حوله

 ألا تستمعون؟
ولكن موسى عليه السلام ظل يقود الحوار بالهدف الذي جاء له فقال كأنه لم يسمع تعليق فرعون

:ربكم ورب آبا ئكم الأولين

وهنا لا فائدة إلا أن يلجأ فرعون إلى التجريح المباشر لعل موسى يدافع عن نفسه

فقال فرعون ساخرا:إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون

ولكن موسى عليه السلام كما أنه لم يسمع إلى ما قاله فرعون فقال مؤكدا ما جاء به

رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون

لقد كان سيدنا موسى عليه السلام يريد أن يستغل كل لحظة في الحوار مع فرعون ورجال دولته وحاشيته ليعرفهم على الله تعالى

وهنا كان من الطبيعي أن يلجأ فرعون إلى التهديد فقد أوضح موسى رسالته كاملة وبمنتهى الثبات والذكاء

فقال فرعون: لئن اتخذت إلاها غيري لأجعلنك من المسجونين

فهل خاف نبي الله ؟ أو نسي الهدف من الحوار بفعل التهديد بالسجن؟ أبدا ..أبدا ، لقد استمر في محاولة إثبات دعوته

فقال موسى:أولو جئتك بشيء مبين
وهنا أتوقف عن سرد باقي الحوار بين نبي الله وعدو الله ، وأطلب منكم أن تقرؤه كاملا بنصه في سورة الشعراء صفحة367-36
ولكن قبل ذلك
هل فهمنا الآن قيمة التركيز على الهدف الذي من أجله بدأنا الحوار
هل تعلمنا من سيدنا موسى عليه السلم وهو كليم الرحمن أسلوب الحوار الناجح المفيد
هل نتعلم في حوارنا أن نترك الجدال والخوض في التفريعات التي لا تخدم الهدف بل تضيع من قيمة ووقت الحوار؟
هل أصبحنا ندرك أن التركيز على الهدف من أهم عوامل نجاح الحوار
قد تسمع كلمة لا ترضيك وأنت تحاور زميلك أو مديرك.. فهل تأخذ الأمر على أنه شخصي ؟ أم أنك ستركز على الهدف؟
قد يحاول محاورك تشتيت انتباهك وتركيزك ليفقدك قيادة الحوار.. فهل ستستجيب؟ أم أنك ستفعل كمافعل سيدنا موسى؟
ما رأيكم لوطبقنا هذا المنهج القرآني في تحاورنا؟ سندرك حينها كم الأوقات المهدرة في أسلوب الجدال
ما رأيكم لو استثمرنا طاقة الكلام في المستهدفات وتركنا التفريعات؟
هيا بنا نذهب الآن إلى سورة الشعراء لنتدبر حوار سيدنا موسى مع فرعون

والى لقاء أخر مع أدب جديد من أداب الحوار
والحمد لله رب العالمين

No comments: